تعد مشكلة العند لدى الأطفال واحدة من أكثر السلوكيات المزعجة التي يمكن أن يواجهها الآباء والمربون. يظهر العند عندما يرفض الطفل الامتثال للأوامر أو التوجيهات، وغالبًا ما يتبع ذلك تمسكه برأيه أو تصرفه بطريقة ترفض أي محاولة للتغيير أو التعديل. قد يؤدي هذا النوع من السلوك إلى صعوبة في التفاعل اليومي مع الطفل وقد يسبب مشاعر الإحباط لدى الوالدين. لكن، من الممكن التعامل مع هذه المشكلة بطرق فعّالة تساعد على تقليلها وتوجيه سلوك الطفل نحو التفاعل بشكل إيجابي. في هذا المقال، سوف نتناول بعض النصائح التي تساهم في الحد من العند عند الأطفال بشكلٍ فعال.
1. فهم الأسباب النفسية وراء العند
من المهم أن يبدأ الآباء بتفهم الأسباب النفسية التي قد تقف وراء سلوك العند. قد يكون العند ناتجًا عن شعور الطفل بعدم السيطرة على مواقف معينة في حياته، أو محاولة لجذب الانتباه. كما قد يعكس العند رغبة الطفل في إثبات استقلاله أو قد يكون رد فعل على شعوره بالإحباط أو الغضب بسبب ظروف خارجية، مثل قلة النوم أو التوتر في البيئة المحيطة به.
الاستماع الجيد للطفل ومحاولة فهم ما يثير سلوكه من خلال التواصل المفتوح يمكن أن يساعد بشكل كبير في التعامل مع هذه المشكلة. حينما يشعر الطفل أن مشاعره وأفكاره محترمة ومفهومة، فإنه يصبح أكثر استعدادًا للتعاون.
2. تحقيق التوازن بين الحزم والمرونة
أحد المفاتيح الهامة في التعامل مع العند هو إيجاد التوازن بين الحزم والمرونة. يجب على الآباء أن يكونوا حازمين في اتخاذ القرارات وتنفيذ القواعد في المنزل، ولكن دون أن يظهروا التصلب أو القسوة المفرطة. إذا كانت الأوامر تتسم بالتسلط الزائد، فإن الطفل قد يرفض التعاون بشكل أكبر. من ناحية أخرى، فإن السماح للأطفال بالمشاركة في بعض القرارات اليومية قد يقلل من مقاومتهم. على سبيل المثال، يمكن أن يُطلب منهم اختيار وجبتهم المفضلة من بين خيارات محددة، أو السماح لهم بتحديد وقت النوم ضمن إطار من القواعد.
إظهار الاحترام لآراء الطفل ورغباته يمكن أن يعزز شعوره بالاستقلالية ويقلل من رغبة العند لديه. إذا تم مراعاة هذا التوازن، يصبح الطفل أكثر قدرة على التفاعل بشكل إيجابي مع القواعد والتعليمات التي يتلقاها.
3. تقديم النموذج الصحيح
من أبرز الطرق الفعّالة للحد من العند هي تقديم الآباء للنموذج الصحيح في التعامل مع الأمور اليومية. الأطفال يتعلمون من خلال المراقبة والتقليد، ولذلك، فإن سلوك الوالدين يمكن أن يكون له تأثير كبير. عندما يرى الطفل والديه يتعاملان مع المواقف الصعبة بهدوء وصبر، يتعلم الطفل من هذه التصرفات ويبدأ في تقليدها. كذلك، عندما يلاحظ الطفل أن الوالدين يتسمون بالمرونة في مواقف معينة، يصبح لديه القدرة على تقليد هذا السلوك بدلاً من التمسك برفض غير مبرر.
قد يكون من المفيد أن يري الآباء أطفالهم كيفية التعامل مع الغضب أو الإحباط بطريقة بنّاءة من خلال استخدام تقنيات تهدئة مثل التنفس العميق أو اتخاذ استراحة قصيرة. كلما أظهر الوالدان القدرة على التعامل مع مشاعرهم بشكل هادئ، كان ذلك نموذجًا جيدًا للطفل.
4. التوضيح واستخدام التفسير المنطقي
في كثير من الأحيان، يتصرف الأطفال بعناد لأنهم لا يفهمون السبب وراء القرارات التي يتخذها الآباء. لذلك، فإن تقديم تفسير منطقي لما يحدث قد يساعد على تقليل سلوك العند. بدلاً من مجرد إصدار الأوامر، يمكن للآباء أن يشرحوا للطفل لماذا يجب عليه اتباع هذه القواعد أو التعليمات. على سبيل المثال، بدلاً من قول “لا تأكل الحلوى قبل العشاء”، يمكن قول “من الأفضل أن تأكل الحلوى بعد العشاء لأن معدتك ستكون جاهزة للاستمتاع بها أكثر، وإذا أكلت الآن فقد تشعر بألم في معدتك”.
عندما يفهم الطفل الأسباب وراء التعليمات، فإنه يشعر بمزيد من الاحترام للقرار وبالتالي يقل احتمال رفضه أو تمرده.
5. استخدام الثناء والتحفيز الإيجابي
تشجيع السلوكيات الجيدة من خلال الثناء والتحفيز الإيجابي يعد من الأساليب الفعّالة للتقليل من العند. الأطفال يحبون الحصول على الإطراء والمكافآت عندما يتصرفون بشكل صحيح. لذلك، عندما يظهر الطفل سلوكًا إيجابيًا، يجب أن يلاحظه الوالدان ويشكرونه عليه. يمكن أن يكون هذا الثناء بالكلمات أو من خلال المكافآت الصغيرة مثل السماح لهم بممارسة نشاط مفضل أو منحهم وقتًا إضافيًا للعب.
من خلال تعزيز السلوك الجيد، يمكن للأطفال أن يربطوا بين السلوك المطلوب والمكافآت التي يتلقونها، مما يجعلهم أكثر ميلاً للامتثال للتعليمات في المستقبل.
6. فرض حدود واضحة ومحددة
من الأمور الأساسية في التعامل مع العند هو وضع حدود واضحة وثابتة للسلوك المقبول في المنزل. يجب أن يكون لدى الطفل معرفة مسبقة بالقواعد والقيود، ويجب أن يكون هناك اتساق في تطبيق هذه القواعد. من غير المجدي أن يتم السماح للطفل بتجاوز الحدود في بعض الأحيان وفي أوقات أخرى يتم فرض العقاب عليه. التناسق في فرض القواعد يمنح الطفل شعورًا بالأمان والتوجيه، ويساعده على تحديد ما هو مقبول وما هو غير مقبول.
إذا كانت القواعد ثابتة وواضحة، فإن العند يقل بشكل ملحوظ لأن الطفل يعرف تمامًا ما يمكنه فعله وما لا يمكنه فعله. فرض حدود غير مرنة قد يبدو قاسيًا في البداية، ولكن في الحقيقة يوفر للطفل بيئة أكثر استقرارًا، مما يقلل من مقاومته.
7. الصبر والتفهم
العند هو سلوك طبيعي قد يظهر في مرحلة معينة من تطور الطفل، خصوصًا في سن مبكرة عندما يبدأ الطفل في اكتساب قدرات الاستقلالية. لذلك، من الضروري أن يتحلى الآباء بالصبر والتفهم أثناء التعامل مع هذه المشكلة. يجب أن يدركوا أن العند ليس بالضرورة سلوكًا متعمدًا أو هدفًا للطفل، بل هو طريقة لتعبير الطفل عن احتياجاته ورغباته بطريقة قد تكون غير مفهومة للآباء.
بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك حالات يكون فيها العند نتيجة لمشاعر القلق أو التوتر، سواء كانت بسبب مشاكل في المنزل أو في المدرسة أو بسبب ضغوطات أخرى. في هذه الحالات، يجب على الآباء أن يراعوا ظروف الطفل النفسية ويعملوا على توفير بيئة دافئة وآمنة تشعره بالراحة والطمأنينة.
من خلال إظهار التفهم، والتواصل الجيد مع الطفل، والتمسك بأساليب تربوية واضحة ومتسقة، يمكن تقليل سلوك العند بشكل كبير.
